الإطار العام للورشة :
تشكل هده الورشة الموضوعاتية حلقة تشاركية للنقاش والتداول بين الفاعلين ضمن سلسلة من الأنشطة التمهيدية التي تستهدف جمع المعطيات والمقترحات وتبيان أسباب ومبررات مشروع الحملة الترافعية التي ستنظمها الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع فاس حول ضرورة وضع منظومة وقائية داخل المؤسسات التعليمية لحماية التلاميذ من أخطار المخدرات ومرافقتهم في مسلسل العلاج النفسي، العقلي والاجتماعي
واستنادا للدراسة التي أنجزتها الجمعية بدعم من السفارة البريطانية في إطار برنامج “دعم 2 ” حول ظاهرة المخدرات في الأوساط المدرسية بمدينة فاس والسبل البيداغوجية والتربوية المتخدة من طرف الإدارة التربوية لحماية التلاميذ من أخطار هده الأفة وأثارها على مناخ التحصيل التعليمي وعلى نسيج المجتمع ككل تم استنتاج ما يلي:
أن % 39.8 من التلاميذ والتلميذات التي شملتهم الدراسة يتعاطون المخدرات حسب التوزيع الاحصائي التالي :
غياب منظومة وقائية استباقية منسجمة وموحدة داخل الأوساط المدرسية تجمع بين الأبعاد التربوية، العلاجية والاجتماعية لمشكل المخدرات حيث جاءت أجوبة المبحوثين على الشكل التالي :
المقاربة العقابية هي السائدة، في حين ان المقاربات العلاجية والمواكبة الاجتماعية ناذره الى غائبة. (التوبيخ 48%، الطرد المؤقت 32.2%، العنف الجسدي 8.8%، اخبار الوالدين 48.6%، التوجيه نحو المراكز 16.6%).
اما عن برامج التحسيس والتوعية بمخاطر المخدرات فإنها شبه غائبة بالوسط المدرسي سواء في البرامج الدراسية او في الأنشطة الموازية للمؤسسات
غياب قانون تربوي موحد بالوسط المدرسي للحماية والتقليص من مخاطر المخدرات مما يجعل الاجارة التربوية تلتجأ إما لتقديراتها الخاصة حسب الحالات وإما اللجوء للقانون الجنائي في الحالات- المستعصية (ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة)
وبناء على ما سبق قررت الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع فاس إطلاق حملة ترافعية من أجل وضع منظومة وقائية للتقليص من مخاطر المخدرات في الأوساط المدرسية ومرافقة المتعاطين في مسلسل العلاج والدعم النفسي والاجتماعي من أجل انتشالهم من براثين هده الأفة التي تأثر سلبيا على مناخ التربية والتحصيل العلمي وتنعكس سوسيولوجيا على جميع مناحي الحياة الاجتماعية
ومن أجل هدا الغرض وانسجاما مع المقاربة المنهجية التشاركية للجمعية قرر الفريق المكلف بإنجاز المشروع استدعاء العديد من الأطر والفاعلين العموميين والمدنيين المرتبطين بالموضوعة من أجل التشاور والمناقشة وتحديد المبررات والمخارج الكفيلة بتنشيط الحملة الترافعية وجعلها موضوعا عموميا ذو أولوية استعجالية.
الموضوع الاجرائي للورشة : من أجل مقاربة قانونية مدمجة للبعد التربوي والعلاجي
النص الجامد والممارسة المنقوصة للنيابة العامة
يلاحظ أن النيابة العامة في المغرب لا تفعل مقتضيات الفصل 8 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 (21 ماي 1974) المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة.
يشير الفصل إلى أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها بين 500 درهم و5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات.
ويضيف الفصل المذكور وهذا هو بيت القصيد غير أن المتابعات الجنائية لا تجري إذا وافق مرتكب الجريمة بعد فحص طبي من وكيل جلالة الملك على الخضوع للعلاج خلال المدة اللازمة لشفائه إلى علاجات القضاء على التسمم التي تقدم إما في مؤسسة علاجية طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل 80من القانون الجنائي وخاصة عندما يتضح أن إجرامه كان نتيجة ذلك السم وإما في مصحة خاصة تقبلها وزارة الصحة العمومية، ويجب في هاتين الحالتين أن يفحص الشخص المباشر علاجه كل خمسة عشر يوما طبيبا خبيرا مؤهلا يعينه وكيل جلالة الملك ويؤهل هذا الطبيب وحده للبت في الشفاء
يلاحظ من خلال قراءة عملية ومتأنية لهذا الفصل أن النيابة العامة في المغرب لا تفعل مقتضيات الفقرة الثامنة الواردة في هدا القانون، فالمتابعات تجرى دون عرض المدمنين على المخدرات على الفحص الطبي من وكيل جلالة الملك كما هو وارد في النص.
وبالتالي لا يؤخذ رأي المدمنين في حالة ما إذا أرادوا واختاروا العلاج على المتابعة بعد إثبات الادمان بواسطة طبيب مختص ومؤهل لذلك.
وقد يتم الاستعانة في هذا المجال بجمعيات المجتمع المدني المتخصصة في محاربة الإدمان في إطار المقاربة التشاركية، ويتم كذلك الاستعانة بالأطباء المتخصصين ومراكز العلاج المؤهلة.
في اعتقادنا لقد آن الأوان ليفعل النص الموجود في اتجاه سليم يعالج ضحايا الإدمان قبل الزج بهم في سجون المملكة ضدا على القانون وحرمانهم من العلاج في إطار مقاربة إدماجية.
وآن الأوان أن يطلب من كافة الفاعلين في الحقل القضائي من تفعيل هذا النص الجامد وتحريكه من جديد على ضوء الدستور الجديد وعلى ضوء المعطيات التكنولوجية الجديدة وعلى ضوء الحضور القوي للمجتمع المدني في الدستور وفي الواقع وخاصة الجمعيات المتخصصة في مجال مكافحة الإدمان على المخدرات.